المظاهرات في فرنسا إلى انحسار .. لكن تحت الرماد «نار»
رسالة باريس- علي المغربي:
رغم انحسار المظاهرات في فرنسا، إلا أن النار لا زالت تحت الرماد، ولا زالت الاحتجاجات يعلو صوتها من آن لآخر، وسط حالة من الاحتقات والالتباس، منذ أن عم الغضب ربوع فرنسا احتجاجا على إصلاحات نظام التقاعد.
وألقت الصدامات بين الشرطة والمحتجين بظلالها على المشهد هنا، حتى لو كان حذراً، بعدما تعرض قرابة 110 من رجال البوليس لإصابات أثناء اشتباكات مع المتظاهرين في جميع أنحاء البلاد، واعتقلت السلطات وقتها، قرابة 300 متظاهر.
وشارك مئات الآلاف من جميع أنحاء البلاد في مظاهرات «يوم العمال» احتجاجا على إصلاحات نظام التقاعد التي فرضتها حكومة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وكانت معظم المظاهرات التي شهدتها فرنسا سلمية، لكن بعض الجماعات المتطرفة ألقت قنابل حارقة ومفرقعات على قوات الأمن، خرجت بالأمور عن السيطرة، وتسببت في صدامٍ دامٍ بين المحتجين والشرطة.
وكانت رئيسة الوزراء، إليزابيث بورن، قد نشرت منذ أيام في تغريدة عبر حسابها على «تويتر»: إن العنف “غير مقبول”، لكنها أشادت أيضا في الوقت نفسه “بالاحتشاد المسؤول والالتزام” من قبل المتظاهرين في العديد من المدن الفرنسية.
يُذكر أن هذه المظاهرات هي الحلقة الأحدث على الإطلاق في سلسلة الاحتجاجات ضد القرارات الحكومية برفع سن التقاعد من 62 سنة إلى 64 سنة، وهي القرارات التي تطالب الاتحادات العمالية بالتراجع عنها.
وقدرت وزارة الداخلية إجمالي عدد المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع الفرنسية للاحتجاج بأكثر من 800 ألف شخص، من بينهم حوالي 120 ألفاً في العاصمة باريس. لكن الاتحاد العام للعمل في فرنسا يقول إن الأرقام الحقيقة هي ثلاثة أضعاف التقديرات الحكومية.
وأكد قياديون في الاتحادات العمالية الفرنسية أن المعارضة المستمرة منذ ثلاثة أشهر لتلك الإصلاحات لم تتراجع.
ورغم هذه الاحتجاجات، إلا أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، شدد في أكثر من مناسبة على أن تلك الإصلاحات ضرورية.
وصدّق ماكرون على الإصلاحات المقترحة من قبل الحكومة لتتحول إلى قانون ملزم في 15 أبريل الماضي بعد ساعات من دعم المجلس الدستوري الفرنسي للتغييرات على نطاق واسع، لكن استطلاعات الرأي تظهر أن الغالبية العظمى من السكان يعارضون رفع سن التقاعد.
ومن المتوقع أن يبدأ العمل بإصلاحات نظام التقاعد الفرنسي بداية سبتمبرالمقبل، وهو ما يعني أن الصدام قد يأتي من جديد، إلا إذا أوفت
الحكومة الفرنسية بوعدها الذي قطعته على نفسها، بإجراء المزيد من المحادثات بشأن زيادة سن التقاعد، لكنه وعد يجب أن ينتهي إلى الرجوع عن التعديلات، في ظل رفض الاتحادات العمالية تلك التغييرات.